الوضع المظلم
السبت ٢١ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • باحث سياسي لـ"ليفانت": واشنطن تجد ضرورة بإخراج بوتين من المستنقع.. كي لا يلجئ للنووي

باحث سياسي لـ
زياد سنكري \ ليفانت نيوز

قال "زياد سنكري" وهو محلل سياسي وباحث لبناني مقيم في العاصمة الأمريكية واشنطن، إن الأوروبيين كانوا يعولون على حنكة ودهاء الرئيس الروسي وواقعيته السياسية لعدم جر المنطقة الى حرب يمكن ان تتمدد في أوروبا، مشيراً إلى أن دعم أوكرانيا ومدها بالسلاح، هو الخيار الوحيد للدول الغربية لمقاومة الروس"، وأن هناك شبه انقلاب في سياسة المانيا التقليدية من ناحية التسليح، لرغبة برلين بإبعاد الخطر عنها، وإيقاف أي محاولة للتمدد الروسي غرباً.

لافتاً إلى أن الانتفاضة العسكرية الأوروبية، جزء من سياسة استباقية لتجنب أي مغامرة روسية في التقدم أوروبياً، مع الإشارة لفشل خطة بوتين أمام التماسك الرسمي والشعبي الأوكراني، ما رفع احتمالات أن تتحول الأمور صوب العنف والدموية أكثر، لكنه يرى أن الولايات المتحدة تجد ضرورة بإخراج بوتين من المستنقع الذي أوقع نفسه به، كي لا يلجئ للخيار النووي.

جاء ذلك في حديث خاص لـه مع "صحيفة ليفانت اللندنية"، حول الغزو الروسي لأوكرانيا، وتداعيات تلك المواجهة العسكرية على القارة الأوروبية، بالذات مع تلويح الجانب الروسي باستخدام السلاح النووي، والذي يمكن أن يعقد المسائل أكثر، ويتحول إلى حرب عالمية ثالثة، يحذر كثيرون من اندلاعها.

اقرأ أيضاً: لدورها بغزو أوكرانيا.. عقوبات بريطانية على بيلاروسيا

وحول تقييمه للقرارات الأوروبية والغربية المتسارعة، التي تنوعت من العقوبات الاقتصادية إلى إغلاق المجال الجوي الأوروبي أمام الطائرات الروسية، وغيرها الكثير، رأى "سنكري" أنه و"رغم التقارير الاستخباراتية وخصوصاً الأميركية حول نية بوتين احتلال أوكرانيا، كان هناك "تعويل أوروبي على حنكة ودهاء الرئيس الروسي وواقعيته السياسية، لعدم جر المنطقة الى حرب يمكن أن تتمدد في أوروبا".

مردفاً: "لكن مع بدء الهجوم الروسي، كان الأميركيون يسوقون لحزمة صارمة وقاسية من العقوبات، من بينها إخراج الروس من منظومة سويفت، وهذا الاقتراح قوبل بتحفظ أوروبي، وعلى الأغلب أن هذا التحفظ جاء تخوفاً من التبعات الاقتصادية للقرار على الدول الأوروبية، بسبب العلاقات الاقتصادية التي تربطها بموسكو".

أوكرانيا وروسيا \ ليفانت نيوز

"لكن بعد مراجعة سريعة ومع إصرار بوتين على خياراته، وصل الأوروبيين إلى قناعة إنه يتوجب عليهم إرسال رسالة واضحة وجازمة، إلى الرئيس الروسي، بأنه لن يسمح له بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأن أي محاولة لإعادة رسم الخريطة السياسية، والتوسع غرباً سوف تقابل بحزم، وهذا أحد الأخطاء التكتيكية لفلاديمير بوتين، حيث قام بتوحيد الأميركيين والأوروبيين بموقف سياسي ثابت، بعد مقاربتهما المتباينة أحياناً"، وفق ما ذكر "سنكري".

اقرأ أيضاً: أوكرانيا.. قوات روسية تنفذ إنزالاً في مدينة خاركيف

وحول ما إذا كان بمقدور التسليح المتواصل والمتعاظم من الغرب لكييف، أن يردع موسكو، يعتقد الباحث اللبناني أن "دعم أوكرانيا ومدها بالسلاح، هو الخيار الوحيد للدول الغربية لمقاومة الروس"، متابعاً: "هناك قرار استراتيجي للولايات المتحدة بعدم التورط بأي عمل عسكري مباشر، سواء بري، بحري أو جوي، وهذا ما يبرر رفض إدارة بايدن المتكرر لطلبات الرئيس الأوكراني بفرض حظر جوي، خوفاً من احتكاك مباشر مع الروس، قد يؤدي إلى حرب عالمية بين أكبر دولتين نوويتين في العالم".

منوها إلى أن "القرار اتخذ بالاستفادة من حدود أوكرانيا، الواسعة مع العديد من الدول الأوروبية المناهضة لروسيا، لتأمين إدخال الأسلحة والعتاد"، موضحاً: "علينا قراءة هذا الموقف الأوروبي بتمعن، فهناك شبه انقلاب في سياسة المانيا التقليدية من ناحية التسليح، خصوصاً أنه تربطها أقوى العلاقات الاقتصادية في أوروبا، هذا الانقلاب هو انعكاس لرغبة برلين بإبعاد الخطر عنها، وإيقاف أي محاولة للتمدد الروسي غرباً".

اقرأ أيضاً: مساعدة مالية لأوكرانيا بقيمة 3 مليارات دولار

أما بخصوص التهديد الروسي باللجوء إلى استخدام السلاح النووي، فلفت "سنكري" لـ "ليفانت نيوز"، إلى أنه "لا يمكن تجاهل تهديد بوتين باستخدام السلاح النووي، فهذا التهديد يقلق صناع القرار في الغرب، وجميع التقارير الواردة من موسكو تعطي صورة قاتمة عن وضع بوتين وحالته النفسية".

كاشفاً: "هو يعيش بشبه عزلة (يقصد بوتين)، وهذه العزلة اشتدت خصوصاً بعد تفشي وباء كورونا، فانحسرت دائرة المستشارين والمقربين بزعيم الكرملين، وبدأ التساؤل عن عملية اتخاذ القرار في موسكو، وفي هذا السياق كان لافتاً اجتماع بوتين مع فريق الأمن القومي، والخطاب الذي ألقاه، إلى حد إحراج رئيس مخابراته الخارجية".

"وهذا يلفتنا إلى تعليق السفير الأميركي السابق في موسكو، والذي تعامل مع بوتين لسنوات عن قرب، ووصف تهديد بوتين بالسلاح النووي، بأنه ليس مزحة، وكل المقربون من الرئيس الروسي انتابهم قلق شديد، لأنهم يدركون أنه يعني ما يقول"، حسب ما ذكر "سنكري".

ورأى "سنكري" أن "الانتفاضة العسكرية الأوروبية"، هي "انعكاس لمقاربة جديدة للخطر الروسي، وجزء من سياسة استباقية لتجنب أي مغامرة روسية في التقدم أوروبياً، فقادة أوروبا أصبحوا على ثقة بأنه إذا لم يواجه بوتين عواقب قاسية بسبب ما يفعله بأوكرانيا، ستفتح شهيته للانتقام من باقي الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي، وسيصل إلى عقر دار أكبر الدول الاوروبية كألمانيا وفرنسا".

اقرأ أيضاً: الإمارات تقدم مساعدات إغاثية لأوكرانيا بقيمة 5 ملايين دولار

كما وجد "سينكري" أن "الوضع الحالي غير سليم، والأمور قد تخرج عن السيطرة"، وذلك في ضوء تعليقه على احتمالات نشوب حرب عالمية ثالثة، متابعاً: "خطة بوتين حتى الآن فشلت أمام التماسك الرسمي والشعبي الأوكراني، كل هذا يجعل من الصعب التنبؤ بردة فعل زعيم الكرملين، ولكن من المؤكد حتى الآن أن الأمور ستكون أكثر عنفاً ودموية، حيث هناك العديد من الأسلحة المتوفرة للروس لم تستخدم حتى الآن".

مستطرداً: "مع تأزم الوضع وفشل الخطة الروسية الاولية، ترى الولايات المتحدة أنه من الضروري المساعدة على إيجاد مخرج لبوتين من المستنقع الذي أوقع نفسه به، فلا تريد واشنطن أن يشعر الرئيس الروسي بأنه استنفد كل خياراته، ولم يبقى أمامه إلا الخيار النووي، لكي يثبت للعالم إنه مازال يتمتع بالقوة وإنه لن يخرج من الورطة الأوكرانية مذلولاً".

"وفي هذا السياق، فتحت الولايات المتحدة قنوات الاتصال مع الصين، معولة عليها في إقناع بوتين بوقف التصعيد، خصوصاً أن بكين هي المنفذ والرئة الوحيدة لموسكو، للتخفيف من وطأة العقوبات وتبعاتها القاسية على الاقتصاد الروسي"، وفق "سنكري"، مؤكداً أن "فرص السلام ما زالت متاحة"، لكن ذلك "يتطلب قرار روسي شجاع، وإخراج غربي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، ولكن هذه الفرص تتراجع على وقع التطور الميداني على الأرض".

مبيناً: "كما ذكرت سابقاً، إدارة الرئيس بايدن تعمل على إيجاد مخرج لبوتين الذي حاصر نفسه بنفسه بقرار الغزو الذي اتخذه، الأمر سيكون معقد جداً خصوصاً بعد أن سال الدم من الطرفين، كما أن الأمر يحتاج إلى وسيط قادر على الضغط على بوتين واقتناعه بضرورة إيجاد حل يراعي هواجسه الأمنية والاستراتيجية، ولكنه في الوقت نفسه يحافظ على سيادة أوكرانيا على أراضيها".

اقرأ أيضاً: خطأ أوقع "أوكرانيا" في شباك الدب الروسي 

وختاماً، وحول التحليلات التي تشير إلى بداية نهاية النظام العالمي الحالي، وجد المحلل السياسي والباحث اللبناني، أن "كل التحركات والائتلافات حتى قبل نشوب الأزمة الروسية الأوكرانية، تشير إلى أن العالم يسير باتجاه إعادة رسم جيو سياسي وتنافس وحرب باردة بين تحالف الدول الديمقراطية بزعامة الولايات المتحدة، والدول الأوتوقراطية بقيادة تحالف الصين وروسيا".

مستدركاً: "هذا التحالف هو مصلحي ونفعي بين القطبين وبعيد جداً عن أي أيديولوجيا، هذه الحرب ستكون أكثر خطورة من تلك التي حصلت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لأنها سوف تحتدم على جبهة أوسع وتشارك فيها قوى عديدة، الانطباع الأميركي يقارب هذه المعادلة بضرورة التحضير لهذه الحرب الباردة الجديدة، حيث من الأفضل الجهوزية لها بدلاً من خوض حرب يختارها لك عدوك".

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!